نحن شعبٌ قَد فَقَد البوصلة/ منعم حلبي

فقدان السيطرة الحالي في مجتمعنا العربي على كافة طوائفه بكل ما يتعلق بظواهر العنف والجريمة، مُقلق لدرجة اننا فقدنا البوصلة تمامًا. لم تعد هنالك اية حدود حمراء ولا صفراء ولا سوداء...المُجرم الذي قام باغتيال امرأة وابنتها في اللد صَدَمنا فردًا فردًا...
اغتيال الصحافي ابن أم الفحم صدمنا فردًا فردًا...
إطلاق النار بهدف القتل على البيوت في الكرمل والجليل صدمنا فردًا فردًا...
نحن نتحدث على مدار الساعة عن التمييز العنصري لدى سياسات الدولة والحكومات المتعاقبة ضد مجتمعنا العربي، نتحدث عن القوانين العنصرية التي صاغتها هذه الحكومات بهدف تهميشنا اكثر فاكثر، مثل قانون القومية، والقوانين التي وُضعت خصيصًا للحد من توسعنا وللمس في جيوبنا ووجداننا، مثل قانون كامينتس وغيره من القوانين الكارثية، وسنستمر في التحدث عن هذه القضايا ما دُمنا احياء، لاجل أولادنا واحفادنا من بعدنا.
ولكن أعزائي، ما يحدث بيننا، بغض النظر عن سياسات الحكومة المذكورة آنفًا تخطى كافة الحدود.
صحيح، الشرطة عاجزة، متقاعسة، لربما عمدًا، ولكن ماذا عنا نحن؟!.
ما الذي يحدث في مجتمعنا العربي في الداخل؟!.
كيف يُعقل هذا التغيّر الجذري في تصرفاتنا؟!.
ما هذا العنف المستشري؟ ما هذه ظواهر الإجرام القاسية والقاتلة؟!.
مقتل نساء وبنات، عبوات ناسفة تحت السيارات والبيوت، إطلاق نار بدون رادع على البيوت والسيارات، اعمال نرى مثلها في الحروبات فقط!!.
شيء ما عميق يحدث في مجتمعنا، في بيوتنا.
نحن دائمًا نعمل على تحليل الظواهر: نسبة البطالة المرتفعة، الشُّح في الأطر والفعاليات الشبابية، المشاكل الاقتصادية، وبعد وبعد من تحليلات اجتماعية لها اول ولا يوجد لها اخر.
ولكن على ما يبدو، ان هنالك امورًا أخرى أوصلتنا لهذا الوضع الكارثي الحالي.
لا يُعقل ما يحدث في مدننا وقرانا يوميًا، لا يُعقل هذا السكوت المُدوي واستمرار الحياة وكأن شيئًا لم يكن، ولا يعقل استمرار التقاعس والاستهتار السلطوي تجاهنا.
وُعدنا من قبل رجالات السياسة، ايضًا من مجتمعنا العربي، انهم سيعملون على مدار الساعة لأجل اقتلاع هذه الظواهر من حياتنا، ولكن الواقع أقوى من كل التصريحات والوعودات.
حان الأوان للقيام بخطوات ملموسة تهز اركان الدولة، لأجل اقتلاع افة العنف والإجرام من مجتمعنا.
تُلقى المسؤولية من جهتي على كافة المؤسسات الموجودة في الدولة أولًا والمؤسسات المحلية ثانيًا.
كلنا متهمون بالتقصير!!.
نبكي لرؤية طفل تيتّم، ونعود ونزاول حياتنا الاعتيادية في اليوم التالي...
هكذا نحن، شعب فقد البوصلة!!.