سياسة التخطيط والتخطيط السياسي/ عدوان عدوان

أصبحت مؤخرًا قضية الارض القضية الاولى في كل القرى المعروفية في الكرمل والجليل والجولان.
بعد عمليات المصادرة الواسعة من سنوات الأربعين حتى الستين والسبعين، جاءت مؤسسات حماية الطبيعة لتعمل على الحد من توسع قرانا، فارضة علينا خرائط هيكلية وخرائط مفصلة كل هدفها حصرنا في بقعة صغيرة حتى ولو كانت بملكيتنا الخاصة.
في كل لجنة او مؤسسة تعالج قضايا التخطيط تجد ممثلي المحمية الطبيعية "الرتاج" وممثلي "حماية البيئة" و "الكاكال" و "دائرة اراضي اسرائيل" يجلسون في الصدارة، وهم اصحاب الامر والنهي، تسمع مواقفهم اولاً ويُؤخذ بها بينما تُرفض مواقفنا ومطالبنا التي يُمَّرُ عليها مّرَ الكرام لغاية التوثيق وليس اكثر.
خمسة وسبعون عامًا من عمر هذه الدولة ونحن ما زلنا نتحدث عن مشاكل التخطيط والبناء. عشرات الخرائط قُدمت للجان المختلفة في كل قرانا لتسكن فوق رفوف المكاتب حتى يأكلها الغبار وتصبح خرائط للذكرى او للتاريخ فقط.
خمسة وسبعون عاماً ونحن نعاني من تقاعس وتقصير مؤسسات التخطيط والتي عملت بخطة وهدف "اللا تخطيط" المبرمجة سلفاً للتضييق علينا، مستغلة ضعف السلطات المحلية ورؤسائها وارتباطها بحبل الصُّرة لوزارة الداخلية وتمويلها.
مجالسنا، والتي من المفروض ان تسهر على مصالحنا المحلية وتضمن لنا نحن المواطنين كل الحلول لقضايا السكن لنا ولابنائنا، تخاذلت في اغلبيتها وتقاعست. الخطط الخماسية الاخيرة تضمنت في غالبيتها ميزانيات خاصة وكبيرة للتخطيط والبناء وميزانيات اخرى بملايين الشواقل لازالة عوائق التخطيط (הסרת חסמי תכנון). الرئيس الذي يدعي عدم التخطيط بحجة نقص الميزانيات، لا يقول الحقيقة. ملايين الشواقل المُعدة للتخطيط لم تُستغل بأكملها ومنها ما استُغل لأهداف اخرى مثل بناء جدران فاخرة او تعويض معين او تعبيد شوارع او توسيع دوار او ما شابه. استعمالات عديدة، الّا التخطيط!.
مؤسف جداً ان بعض الرؤساء مع الاعتذار المسبق من بعضهم، بات يخاطبنا في قضايا الارض بعقلية "الخواجات" ولغتهم، والا، ما هو التفسير لمصادرة الاراضي بنسب 30% او 40% بحجة عمليات التوحيد والتقسيم؟.
وما هو التفسير لاقامة مشاريع عامة على اراضي بملكية خاصة، بدل اقامتها على اراضي بملكية الدولة؟.
وما هو التفسير لعدم اشراك الناس في التخطيط على املاكهم؟!. وما هو التفسير للتجاهل المطلق للمواطنين الذين "ابتلوا" بأوامر الهدم او الغرامات بمئات الالوف، بعد ان وقعوا في شرك خطة "اللا تخطيط" هذه واضطروا لبناء بيوتهم دون ترخيص ليجدوا انفسهم ملاحقين جراء القوانين العنصرية التي سُنت خصيصاً لاجلهم وللنيل منهم ومن رزقهم ومن مستقبلهم واحلامهم؟.
نشهد في الاونة الاخيرة هبّات شعبية في قرانا في الكرمل وفي الجليل. الظروف الحالية تفرض على ابناء الطائفة تصعيد النضال وتوحيد الصفوف والوقوف وقفة رجل واحد لمواجهة المحنة وتفادي الاضرار الوخيمة التي نتجت عنها. على الرؤساء الوقوف في الصف الاول لهذا النضال، ومن لا يستطيع ذلك، عليه ان يعترف بفشله وان يتنحى جانباً.

على قيادات الهبة الشعبية من اجل الارض في قرانا المختلفة اتخاذ التدابير الاساسية لدعم خطواتها على ارض الواقع ورفع امكانيات النجاح في هذا النضال الاهم، كما يلي:
1-اقامه مجلس شعبي قيادي مصغر للمتابعة وللتداول في تطورات الموقف في شتى القرى، ومن صلاحياته توحيد الصفوف واتخاذ القرارات المشتركة وتقرير الخطوات اللازمة لمواجهة القضايا المختلفة في شؤون الأرض.

2-اقامة لجنة مستشارين من مهندسين ومحامين وموظفين من اصحاب المعرفة والخبرة في امور التخطيط والبناء، للتوجيه والارشاد ومواكبة المواقف المستجدة من النواحي المهنية والقضائية وتفادي الوقوع في اشكالات نحن في غنى عنها.
3-اقامة صندوق مالي يجمع التبرعات لاجل تمويل الاحتياجات المختلفة لمعالجة قضايا الارض في القرى المختلفة.

4-التعاقد مع مكتب اعلامي لدعم النضال الشعبي وتجنيد الرأي العام المحلي والقطري حتى النجاح.
في النهايه، لا يسعني الا الاستشهاد بقول الشاعر المشهور مهلب بن ابي صفره:

كونوا جميعاً يا بني اذا اعترى
خطب ولا تتفرقوا آحادا
تأبى الرماح اذا اجتمعن تكسراً
واذا افترقن تكسرت احادا....