kolanas - 2022-05-13 19:40:24 -
في بداية هذه الألفية قُدتُ مع شركاء يهود معهدًا للتربية للدمقراطية والتعددية الثقافية. ضمن المشاريع التي أطلقناها كان مرافقة أساتذة جامعة وقيادات تربوية ضمن سيرورة تنتهي بإنتاج مضامين تعليمية تتصل برسالة المعهد. أذكر أن موجِّهة في المعهد في أول أيامه اهتمّت عندما عرفت أنني من الدالية وشرعت تحدثني عن الأطباق الشهيّة التي كانت من نصيبها في كل زيارة للبلدة. ولم تعرف أنه سيكون نصيبها منّي توبيخًا أدبيًّا مفاده أن الدالية ليست طبق حمّص ولا لبنة بل فيها أناس لهم احتياجات وكرامات وفيها مبدعون ومبدعات وصالات فنون وفنانون وموسيقيون إلى آخر القائمة. وطلبت منها بحزم أن تتراجع عن نظرتها الاستشراقية تلك وألّا تتحدث فيها معي.
أتذكّر هذا اللقاء المتوتّر وأنا أتابع "الثقافة" التي انتشرت في الدالية منذ ذلك الحين. خطر ببالي أن أبحث عن هذه الموجِّهة وأعتذر لها عن لهجتي الموبّخة يومذاك. خاصة على خلفية "المشهد الثقافي" الذي رسمته السلطة المحلية عندنا بقيادة رئيسها. مشهد ينزلق من ثقافة المرحومَيْن سلمان ناطور ونزيه خير الواثقة الموحية الجميلة الشاملة العابرة للحدود إلى ترفيه رخيص يتوّجُه ساحر هنا ومهرّج هناك. مشهد انزلق من رسالة الخريجين لبناء مجتمع أكثر دمقراطية وانفتاحا ونقدية إلى مجتمع القطيع والراعي. مشهد انزلق من كتابة إبداعية وحلم بالعدل والمساواة بين الجميع إلى ثقافة الانتقام واستعمال العصبيّة العائليّة للسيطرة والاستحواذ وإلى سلسلة من تفاهات لا تنتهي. من ثقافة أرادت التحرّر من قبضة العائلة بوصفها عائقًا أمام الحداثة والمدنيّة إلى ثقافة إعادة إنتاج العائلة كقبيلة أو كقطيع لخدمة الراعي يقوم على التعبئة واستعداد بافلوبي لممارسة العنف.
لا أحد يستطيع أن يبيعنا ثقافة وهو غير مثقّف بالمعنى القِيَميّ للكلمة. فالثقافة ليست الموسيقى نفسها بل روح الموسيقى وليس إحصاء للرؤوس في أمسية بل روح الإنسان. لا أحد يستطيع أن يقترح علينا "ثقافة" من منصب فشل فيه بكلّ المعايير سوى في زرع الفتنة ونشر الإشاعة وتفكيك المجتمع وضرب عائلات بأخرى. لا أحد مهما كانت عائلته كبيرة يستطيع أن يبيعنا التبن على أنه تبر. المسكون بجنون العظمة وبالشعور بالنقص ـ وهما وجهان لعملة واحدة ـ لا يستطيع أن يبيعنا سوى ما شهدته الدالية في السنوات الأخيرة: ست ساعات من الدحّيّة و"ردّي شعراتك"، وفرق دبكة مبتذلة، علمًا بأن الدالية كانت تعلّم كلّ الإقليم فنون الدبكة والغناء والفرح، إلى آخره من تفاهات تعكس ثقافته هو.
هو استشراق رخيص أن تعتقد إدارة السلطة المحلّية والمنتفعون من مالها أن بعض الورود ـ وشكرا للمعلّم كمال مريح ـ وبعض أشرطة الفيديو والثرثرة ستغطّي على حقيقة أن كلّ مواطن ومواطنة في الدالية أحسّ على جلده وحسابه في البنك بضربات السياسات الخاطئة التي اعتمدها الرئيس ورهطه في مجال الأرض والبيوت وأسعار المياه وتراخيص البناء. هو استشراق بائس أن يعتقد البعض أن "ملاهي إبليس" ـ أمسية هنا وعزف عود هناك وساحر خفيف اليد وكتاب سخيف عن الدالية ـ ستُنسي الناس ما ألحقته إدارة السلطة بأضرار استراتيجية بالدالية وأهلها ومستقبلها، سيدفع ثمنها جيل كامل.
لقد حوّل الرئيس الدالية (وأهلها بما فيهم الذين قاتلوا لأجله) إلى امرأة مضروبة يعنّفها ويُهينها طيلة أيام الأسبوع ثم "يرقّ قلبه" فيُحضر لها باقة ورد في نهايته ويُغازلها ويمسح دمعتها ويعده بباقة أخرى إذا رضيت وراق مزاجها!.
شعوري في ضوء عشرات المكالمات والاتصالات التي تلقيتها في ضوء كتابتي هنا أن الناس تشعر بأن الأمر تجاوز كل حدّ وأن المسّ بها من إدارة السلطة المحلّية لم يعد محصورًا في جيوبها وحقوق ملكيتها في الأرض الموروثة أو التي تمّ شراؤها بشقاء العمر وعرق الجبين بل طال كراماتها وعقولها ـ كثيرون قالوها لي بوضوح أنهم يشعرون بالإهانة كمواطنين خذلتهم إدارة السلطة المحلية وخانت ثقتهم. قسم آخر أشار إلى هذا الإصرار من رئيس المجلس على إهانة عقولهم بإصراره على تصوير الدالية جنّة والتبجّح بينما الفشل مدوٍّ في كل مستوى ومجال ـ سوى الانتقام الرخيص، هناك ـ لا أحد يستطيع أن يحرم الرئيس من "إنجازه" ـ كما قال لي أحدهم.
أقدّر أن الناس، ومنهم مَن كان في صفّ الرئيس، ستنتظر فرصتها كي تستردّ كراماتها وتحمي نفسها من أذى لحق بها بشكل فردي وبشكل جماعيّ. وهو ما أستطيع أن أفهمه في ضوء معرفتي لقصص عينية وصلتني كحقوقي أعمل في حقل الاستشارة.
كنا سنصدّق كذبة الثقافة وشهرها لو أن الرئيس ورهطه شرعوا ببناء قصر ثقافة وقد وضعنا على طاولته في العام 2015 خارطة وتخطيط وترخيص بناء وخطة عمل بذلك كانت أنجزت في عهد الرئيس فهمي حلبي وضاعت في قسم الهندسة إلى أن سحبناها من هناك ووضعناها أمامه. كنا سنصدّقه لو صدق في حرف واحد مما قاله على مدار تسع سنوات!.
الدالية على أي حال ليست للرئيس ولا لعائلته ـ الدالية أكبر وأغلى وهي أهمّ. بلد أجيال مضت قدّمت لنا الحياة على طبق من فضّة وأجيال قادمة علينا أن نوفّر لها شروط الحياة الكريمة. وهي يقينًا ليست بحاجة إلى "ساحر" يده خفيفة وإنما إلى شخص مخلص لبلده وأهله ويعرف ماذا يعني الوفاء ولا يجحد ولا يتجبّر ولا يستعلي. الدالية ليست بحاجة إلى أنبياء أو أبطال كما يُشاع ـ بل فقط إلى نساء ورجال يحبون البلد وأهلها ويعرفون الإدارة والتخطيط والعمل مع الآخرين. صحيح أن بياعي "الثقافة" الراهنة يقترحون علينا بلدًا ومجتمعًا بدون حبّ ولا شغف ولا أمل ولا رأفة ولا خجل، إلّا أنني أراهن على لحظة تجتمع فيها الناس وتقول لهذه السياسة: كفى!!.
(أيار 2022 ـ دالية الكرمل)
شكرًا رنين مشيلح.." لقد سقطت الدالية حين اشتغلت بالوعظ والتدليس والنفاق والكذب على ذاتها بدل أن تقول الحقيقة لأبنائها وبناتها" " سقطت الدالية حين عرفنا وحرّفنا كلّ على طريقته....
الناصرة | 28.11° - 31.07° | |
حيفا | 30.12° - 30.12° | |
القدس | 25.22° - 30.95° | |
يافا | ° - ° | |
عكا | 30.57° - 30.57° | |
رام الله | 25.16° - 30.88° | |
بئر السبع | 33.32° - 34.22° | |
طمرة | 29.76° - 29.76° |
دولار امريكي | 3.532 | |
جنيه استرليني | 4.9821 | |
ين ياباني 100 | 3.2976 | |
اليورو | 4.3352 | |
دولار استرالي | 2.7053 | |
دولار كندي | 2.7595 | |
كرون دينيماركي | 0.5822 | |
كرون نرويجي | 0.4520 | |
راوند افريقي | 0.2911 | |
كرون سويدي | 0.4211 | |
فرنك سويسري | 3.6777 | |
دينار اردني | 4.9780 | |
ليرة لبناني 10 | 0.0233 | |
جنيه مصري | 0.1997 |
كيف نلخّص عشر سنوات من الخراب؟يوم الثلاثاء ...الدالية ستستردّ روحها وتنهض مرزوق الحلبيفيما يلي محاولة منّي لتلخيص عشر سنوات من الخراب واستشراف الآتي.ـ لا أشكّ من مشاهداتي ومن...
كلمة العدد 956 وصولنا للحضيض لم يأتِ محض الصدفة! -وزارة الداخلية تدافع عن إخفاقات بعض رؤساء مجالسنا بصورة متعمدة -الوزارة تفرض عليهم كافة الإملاءات، مقابل غض الطرف عن الفشل...