ضياع/ بقلم: منعم حلبي

في ظل الاستمرار بالزحف في روابي غزة، القتل والذبح والتهجير منقطع النظير لأهالي غزة والمنطقة الابرياء، وفي ظل التواطؤ الإعلامي العبري والتعتيم حول ما يحدث من مجازر، استمعنا إلى أصوات إنسانية نادرة الوجود، منها لضابط سابق ورجل سياسي حاضر(يئير جولان) ولرئيس حكومة سابق(أولمرت) تحدثا عن فاشية هذه الدولة وعن عملية قتل الأطفال والنساء الأبرياء.
بدون شك، ان دولة إسرائيل، سياسيًا وعسكريًا، فقدت إنسانيتها تمامًا!.
حتى الولايات المتحدة-الام الرؤوم- ودول أوروبا التي ناصرت إسرائيل في السابق، تقف ضدها اليوم وتهدد بقطع العلاقات معها.
هذه احلك الفترات التاريخية التي تعيشها المنطقة واخطرها، ولا ندري ماذا يخبيء في طياته لنا المستقبل.
نحن، أبناء مجتمع قليل العدد، نعاني من سياسة إسرائيل ومن حروباتها المتواصلة ضد دول الجوار، ومن جهة أخرى نعاني جراء تخاذل قسم من رؤساء مجالسنا، الذين يتعاونون مع السلطة ضد المواطنين.
ما يحدث في أكبر قرية درزية في البلاد(دالية الكرمل) يشكل خطرًا على أبناء الطائفة برمتها. عملية هدم بيوت بصورة ذاتية جراء تهديد لجان التخطيط والشرطة للمواطنين بهدم البيوت وبتغريمهم، وسط صمت سلطوي مُقلق، يهدد كياننا بدون شك. القضية تمر مر الكرام للأسف، وهذا مؤشر خطير سيؤدي مستقبلًا الى شرعنة عملية هدم البيوت في القرية، بعكس ما حدث في قرى الجليل، هناك منع السكان والرؤساء بأجسادهم عملية هدم البيوت.

كل شيء أضحى مباحًا في دالية الكرمل: هدم بيوت، جرجرة امرأة متزوجة وأم لأولاد صغار للتحقيقات في الشرطة في ساعات الليل المتأخرة(حتى لو أن أسلوبها كان خاطئًا هذا ليس مبررًا لتقديم شكوى ضدها)، سياسة فرّق تسُد بين المؤيدين والمعارضين.
كفى!.
حان الأوان ان نستفيق من شللنا وسباتنا الفكري قبل فوات الأوان.
مع قيادة كهذه مصيرنا الهلاك.

على الجيل الصاعد إدراك الواقع المأساوي الموجود في الدولة من جهة وفي القرية من جهة أخرى.
السكوت عن عملية هدم بيوت يعني للمؤسسة الإسرائيلية، ان عملية ترحيلنا مستقبلًا من بيوتنا واراضينا سيكون سهلًا، لأننا مجتمع فقد لغته، هُويته، انتماءه للأرض، تضامنه الواحد مع الآخر. زاحت عن ظهري بسيطة!.
هذه المقولة، ستكلفنا غاليًا يومًا ما.
الاعتبارات الشخصية، العائلية، السياسية، ستقضي علينا فردًا فردًا.

الساكت عن الحق هو شيطان اخرس. ليس هذا فحسب، بل هو شريك مع "الجريمة" التي تُحاك ضد الفقير، ضد أهلنا.
في ظل هذه الظروف القاهرة، نرى ما يحدث في دالية الكرمل اجتماعيًا، خلال شهر السخافة!!.
رأيتُ مؤخرًا من عبر شبكات التواصل حفلًا لأحد "المطربين" اليهود في بلدي، يقوم بتصرفات لا تليق بنا كمجتمع امام الشباب والصبايا، وكاد يُغمى علي!.

ماذا يحدث هنا؟ هل فقدنا وعينا؟ بصرنا؟ بصيرتنا؟ اين العقال؟ اين المثقفين؟ أين الشيوخ؟ اين الغيورين على مصلحة دالية الكرمل؟!.
لا احد يهمه مصلحة أولاده والضياع الاجتماعي والتربوي والحضاري الذي يقوده رئيس المجلس المحلي؟!.
القضية تعدت السياسة، تعدت المصالح الشخصية. توجد هنا مصلحة بلد، مصير أجيال تذهب سدى في ظل عهد هذا الرئيس، ويجب علينا كمجتمع ان نتصدى بكل ما نملك للانحطاط الأخلاقي والاجتماعي الذي يحدث في السنوات الأخيرة!!.
هذا الواقع يجب ان يتغيّر.نقطة!!.