كلمة العدد ال1000 لصحيفة كل الناس: مسيرة الألف عدد بدأت بخطوة واحدة...!

أَكتب هذه الكلمة وأشعر بارتعاشة في يدي وفي قلبي: هل انا في حلم ام علم؟!.
عندما قررتُ إصدار أول عدد لصحيفة كل الناس، قمتُ بذلك وانا غير واثق أنني سأتمكن من نشر عدد ثانٍ...قلتُ كلمتي في العدد الأول، الذي صدر قبل عشرين عامًا وأربعة أشهر، على امل الإصلاح والتغيير.
هذا كان دربي منذ قررتُ اتخاذ الصحافة مهنتي في الحياة منذ قرابة 30 عامًا.
الإقبال الرائع على العدد الأول من قبل المواطنين في الكرمل جعلني أثابر لكي أصدر العدد الثاني، الثالث، الرابع...وبعدها كل ذلك أضحى حكايا. الوصول للعدد ال1000 بهذا التواصل الأسبوعي برغم كافة الظروف والمصاعب والحواجز، هو إنجاز يعجز القلم عن وصفه. هذه الصحيفة تناولت خلال اعدادها ال1000 كافة القضايا والمشاكل التي يعاني منها مجتمعنا( وما زالت...): بدءًا من قضية لم النفايات، مرورًا بالتربية والتعليم والثقافة والرياضة، وصولًا عند قضية الهُوية والانتماء.
الطريق شاقة لدرجة، انك تحتاج لأعصاب "ميّتة"، ومن حديد: أنا اخترتُ أصعب مهنة ممكن اختيارها: النقد البنّاء من اجل الإصلاح. النقد هو وصف التصرفات, الأفكار, والآراء السلبية والايجابية، والهدف منه التصحيح والتصويب في حال وجود الخطأ.
الأصعب في الموضوع، أنك تقوم بتصويب النقد لأشخاص وشخصيات تعيش معهم، بينهم، تقابلهم في السرّاء والضراء، في المناسبات السعيدة والحزينة.
الهدف الأسمى من إقامة "كل الناس"، النقد من اجل اصلاح السلبيات في المجتمع، من اجل الرقابة على عمل المسؤولين في السلطات المحلية، من منطلق حق الجمهور أن يعرف، ومن منطلق الحفاظ على المال العام، ومنع ظواهر الفساد.
طالبنا منذ البداية بتعيينات مهنية ونزيهة في المؤسسات التربوية، بدءًا من الحضانات ولغاية الثانويات، من مساعدات، معلمين ومعلمات، مديرين ومديرات. طالبنا بتعيينات مهنية غير مُسيّسة في المجالس المحلية.
أعترف، أن غالبية هذه المطالب الحقَّة لم تُنفّذ، وما زال مجتمعنا يعاني جراء ذلك!!.
هدفنا واحد ووحيد: تحسين ظروف حياتنا وحياة أولادنا واحفادنا من بعدنا لا اكثر ولا أقل.
لا توجد لدينا عداوة شخصية لا سمح الله لا مع رئيس مجلس ولا مع أي مسؤول في اية سلطة محلية.
بالطبع، هذه الطريق الوعرة كلفتنا غاليًا خلال رحلة ال1000 عدد: تهديدات، مضايقات، حرق سيارات واعتداء على ممتلكات، حرمان اقتصادي وبعد.
كل هذه العوامل لم تجدِ أصحابها نفعًا، لأن احد أسباب نجاح المسيرة، هو الإصرار على قول كلمة الحق مهما كانت جارحة، والقول للغلط غلط في عينه.
انا أعترف، انني غير معصوم عن الخطأ، ولكن الأخطاء التي ارتُكبت خلال المسيرة لم تكن مقصودة البتّة، وعندما اكتشفنا اننا سبّبنا الضرر عن غير قصد لأي شخص، وقفنا واعتذرنا!.
نحن على الأقل، عندما نخطيء، نعترف بالخطأ...!.
مسيرة "كل الناس" هي مسيرة حياة ومسيرة شعب مظلوم، يعاني الأمّرين جراء قصور السلطات المحلية وجراء تعسّف وعنصرية المؤسسة الإسرائيلية على مدار السنين.
قلتها مرارًا وأكرر: دورنا في الحياة لا يقتصر على المأكل والمشرب والنوم...لدينا مسؤولية كبيرة على أكتافنا، وهي قول الحقيقة للناس، محاولة التوعية الاجتماعية والتصرفاتية والسياسية والاقتصادية، لأجل تحسين ظروف حياتنا جميعًا.
خلال مسيرتنا واكبنا قضايا الأرض، المظاهرات ضد المصادرات في الجلمة والمنصورة، الزابود والبقيعة، المواجهات في هضبة الجولان ضد التوربينات، المظاهرات في الكرمل والجليل ضد الهوائيات غير المرخصة والمُسرطِنة، المظاهرات ضد دخول مجمعات المياه لقرانا، مظاهرات السلطات المحلية من اجل نيل الحقوق المتساوية مع البلديات اليهودية، المظاهرة ضد قانون القومية العنصري، وضد قانون كامينتس الغاشم، الذي ما زال يكلف أهلنا غاليًا.
وقفنا دائمًا الى جانب المواطن المظلوم، الى جانب هؤلاء الّي ما إلهن صوت.
أوصلنا صوت المواطن للسلطات، على امل حل مشاكله بجانب بيته، في حارته.
كنا وما زلنا منبر وعنوان الناس، كل الناس.
بالطبع، موقفنا الصارم والواضح لم يعجب شريحة من المجتمع، محليًا وقطريًا، وهذا طبيعي للغاية.
يوجد منتفعون من المقربة للرؤساء والمسؤولين، يوجد انتهازيون، بدون مبدأ، يقفون الى جانب المؤسسة الحاكمة، ضد مجتمعهم، وهذا أيضًا طبيعي.
هؤلاء لن يثنونا ولن يمنعونا عن الاستمرار في مسيرتنا، في قول كلمة الحق، في البحث والتحقيق ونشر ظواهر الفساد إذا وُجدت، مهما كلفنا ذلك من ثمن.
نحن مؤسسة وظيفتها إبلاغ المواطن عما يحدث، كشف القصور بحقه من قبل المسؤولين، وطرح آراء أفكار نيّرة، هدفها التوعية.
تذكروا دائمًا: مجتمع لا يحافظ على لغته الأم، على عاداته وتقاليده، سينصهر يومًا ما.
لذلك، "كل الناس" ستستمر في نهجها الذي بدأت به في عددها الأول، حتى تصل الرسالة!.
نحن مؤسسة مهنية، نزيهة، غير مُمولة على يد اية جهة سياسية، لا محليًا ولا قطريًا ولا حزبيًا.
بهذه المناسبة، أشكر كل شخص وقف إلى جانبنا في مسيرة الألف: العائلة المصغرة،كل من عمل ويعمل في "كل الناس"، القراء الأعزاء، وأصحاب المصالح التجارية الذين امنوا في مسيرة هذه المؤسسة.
نبدأ مسيرة الألفية الثانية بإذنه تعالى!.
"كل الناس" لكل الناس.